الدور على الغرباء

Monday, October 09, 2006

ضوء ممل


تَسْتَرِيحُ عَلَى شَاطِئِ الحُلمِ، تَعْتِقُ آخرَ ضوءِ انتظارٍ مملٍّ و تهمسُ للبحرِ اهدأْ.

يتركُ ندبةَ ملحٍ بلون الرمالِ عَلَى شَفَتَيْهَا. تلملمُ ذاكرةَ الريحِ، تبحثُ عن شاطئٍ للكلامِ المريحِ، و تبحثُ عن برجها في رذاذِ المياهِ المملحِ: قد يَصعدُ الحظُّ بُرجًا مِنِ الماءِ، يُومئُ: أنّ الجِهَاتَ نَوافذُ فاقفزْ؛ ترَ الأَرضَ واثقةً كالبياضِ- البياضُ فَتاةٌ تَدُسُّ لعَاشِقِهَا بسمةً، و البياض براءتنا في الطفولةِ - و البحرُ يلعقُ أقدامَها و ينامُ عَلَى صَدْرِها؛ كي يُثيرَ الطفولةَ فيها وَ فينا. حَنينا إِلَى الأرضِ؛ تصعدُ منّا القصائدُ منثورةً كغباء المدينةِ. أصعدُ حيثُ الرياح تسلِّم راياتِها للجبال، و أجلسُ بالقربِ من نجمةٍ؛ لأُعيدَ التأملَ كيف أُعدُّ المساءَ بلا قهوةٍ تكنِسُ البردَ بيني و بين فتاةٍ ترنِّمُ أنشودةً للمدينةِ و البحرِ لا فرقَ، ننسى المدينةَ؛ كي نعشقَ البحرَ. نغرقُ في زرقة البحر؛ كي ينزفَ الشعرُ منّا كلوحةِ زيتٍ يطرِّزها الهاتفُ الخلويُّ، و لا فرق بيني و بين الفتاةِ سوى جسدٍ يتمايلُ حُرا و حَرّا.

أنا الآن أمْضَغُ حرَّ المدينةِ وحدي، و وحدي أُرَدِّدُ بعضَ الغناء القديمِ. و أَقرأُ في كتبِ الأمسِ عَنْ عَاشِقٍ كان يرسلُ زاجلةً كي تجيءَ الحبيبةُ عبر البريدِ. البريدُ تأخرَ و الحبُّ مرتبكٌ ها هنا. قد يُعَدُّ انتظاري غباءً، و لكنَّني لا أجيدُ التمهّلَ في الحبِّ أبحثُ عن سببٍ آخرٍ للتأخُّرْ:

هي الآن متعبةٌ خلفَ هذا الضبابِ تهزّ بكرسيِّها الوقتَ، تكسرُ صمت الغيابِ تقطِِّعُ

كالعاشقاتِ رسالةَ حبٍّ؛ لأنَّ الضبابَ يذكِّرها باتساعِ المسافةِ بيني و بين الهبوبِ

على جسدٍ لا ينامْ.

و هذا المساءُ وحيدٌ بلا قمرٍ وارفٍ يطرقُ البابَ أو يتحرّشُ بالوردِ حول النوافذِ. هذا المساءُ غريبٌ بلا ضَحِكٍ يستفزُّ العريَّ المسمى حرامًا، يحدِّقُ: من مرّ بالقربِ مُتَّهمٌ بالتباسِ المَشَاهِدِ: أَجْسادُنا تتشَابهُ، كالظلِّ، في البعدِ. هذا المساءُ الغبيُّ الغبيُّ كعادتهِ يتحسسُ صوتَ الجدار:

عليّكَ الخروجُ عن النصِّ بحثا عن امرأةٍ تستفزُّ مشاعرَك الفوضويةَ؛ كي تسكبَ

الليلَ بين يديكَ فواكهَ من تعبٍ.

و أُحَاولُ أنْ أتركَ الحلمَ يسحبُني عاليًا باتجاه السقوطِ على غيمةٍ تستعدُّ لتصبحَ نهرًا يسيرُ خفيفًا إلى واقعٍ في الخفاء، الخفاءُ يحثُّ الفتاةَ لتسكبَ خمرَ أنوثتها بارتعاشِ مراهقةٍ تكسرُ الخوفَ. و الخوفُ أبنيةٌ كالمدينةِ تكرهُ رائحةَ البحرِ. و البحرُ يسحبُني خارجَ الحلمِ حيثُ الغياب حضور يرفرفُ فوق جدائلِها مِنْ بعيدْ.

.

.

.

و انكسرتُ كحبّةِ جوزٍ و سالَ البياضُ المُحَلَّى فتاةً تحضِّرُ للغدِ حلما تهرَّبَ من جسدٍ واقعٍ مُهْمَلٍ. يا لهُ من سوادٍ جميلٍ، يمشِّطُ شعرَ أنوثتها، و يضيءُ البيوتَ، تماما كما يفعلُ الراحلونَ، يلوّحُ لي.