الدور على الغرباء

Thursday, November 27, 2008

جناس


فتى
شدّ نصفَ نهارٍ على بَرْدهِ
ثم نامْ
رأى ملَكا،
يأمرُ الكلماتِ: اقرأيهِ؛
ليعرفَ معنى الكواكبِ والكائناتِ
اقرأيهِ؛ لتسجدَ قدّامَ عينيهِ مَمْلكةٌ في الغمامْ
فيخرجَ من بينِ ضلعيهِ باقي النهارْ
أنتَ الفتى
والنهارُ امرأةْ
أنتما حكمةُ الأزمنةْ
أنتما سببٌ للرؤى..
تدخلان معًا صوبَ ما دوّنَ الغدُ:
فلسفةً تحملُ الكَلِماتُ عناوينَها وتضلُ الطريقَ لها.
رحلةً صوبَ أرضِ الكنانةِ
فالنيلُ زَوجُ الأميرةِ في عُرْسِهَا الفلسَفِيّ
وحارسُ ليلِ الأبدْ.
هناكَ..
سيختارُكَ النيلُ زوجًا لها.
ثمّ لنْ تجدا حجرًا دوّنَ العابرونَ عناوينهمْ فوقَهُ
لنْ تجدا بلدةً منْ خِيامٍ
ولا قائدا روّضَ المستحيلَ
ولنْ تجدا هَرَمًا واقفا في مهبّ الحروبِ
ليحرسَ موتَ أحدْ.
سوف تتفقان على طُرُقٍ تعرف الكلماتُ عناوينَها
تخرجان معًا دمعةً تتوهّجُ أنثى
وأخرى تقلّدُ صَبْرَ الوَلَدْ
ثمّ تعتذرانِ لأمسِ البلَدْ.

أنتما حكمةُ العَاشِقِيْنَ
تقولُ لها: مَنْ سَلا الشِّعرَ
يبكي وقوفا، على حجرٍ يرثُ الأزمنةْ
تقولينَ : هم من أحبّوا الطّريقَ
ومرّوا بها قبلَ أن نرثَ الشّعرَ
مَرّوا وذَلّوا ومَلّوا البُكَاءَ عَلَى الأمكنةْ
تقولُ لها: النّونُ محبرةُ العارفينَ
هو النّونُ ليلُ نبيٍّ يسبّحُ علّ السّماءَ
تُطلُّ على حبرهِ من ممرّ الدّخولِ إلى الضّوءِ
ما بينَ إِغفاءة و سِنَةْ.
تقولينَ : نونُ المضارعِ ترنيمةُ العاشقينَ
هي النّونُ قافيةٌ للحنينْ
فهل كان حرفُك أمرا
وهل كان حبُّكَ جمرا..
تقول لها : سوف يربكُ هذا الجِناس اللغةْ..
تقولينَ : تُنقذُُها التّجربةْ.
تقولُ لها : ننثرُ الشعرَ تأتي الحروفُ على رِسْلِهَا
سهلةً دونَ قلقلةِ الوَزْنِ والقَافِيَةْ.
تقولينَ : تجرحُهَا التّسْمِيَّةْ.
تقول لها : انتبهي،
تجدي النّفسَ تسكنُ برجَ الحمامِ
وتهربُ مِنْ منزلٍ في السّحابِ
تقولينَ : أعرفُ معنى الرّجوعِ
إلى جَسَدِي،
حينَ ينزفُ نايُ الأغاني القديمةِ
أغنيةً للصهيلِ
وأغنيةً للغيابِ..
تقولُ لها: النفسُ أمارةٌ بالرّجوعِ إلى نفسها
والنفسُ صاعدةٌ،
في ممرّ الدّعاء الطويلِِ، إلى نفسها
تقولينَ : رَبّ أحطْهُ منَ النّورِ بالنورِ
واحفظْ بَيَاضَ السَّمَاواتِ في رُوحهِ
تقولُ لها : القدسُ نقطةُ ضعفِ القويْ.
تقولينَ : والقدسُ ضعفٌ قويْ.
تقولُ لها : القدسُ مسرى الشهيدِ يزّيّنُ رحلتهُ،
صوبَ حكمتهِ، بالورودْ
تقولينَ : والقدسُ مسرى النبيّ يشدّ السماءَ
إلى حِكْمةٍ علّقتْ صخرةً في الفراغْ
تقول لها : القدسُ غصّةُ قلبِ المحاربِ
غصّةُ صمتِ الشهودْ
تقولينَ : لا النّفسُ ضاقتْ ولا القلبُ زاغْ.
تقولُ لها : القدسُ جوعُ الفقيرِ إلى منزلٍ في السّماءْ
تقولينَ : فقرٌ غنيٌّ بذاكرةِ الشّهداءْ
تقولُ لها : فوق هذي السَّما يبحثُ الفقراء لهم عن ذهبْ.
تقولينَ : من أي أرضٍ نرى الأرضَ أقربْ؛ لنذهبْ.
تقولُ لها : أرضنا رحلةٌ من تعبْ.
تقولينَ : هيا لنذهبْ..
إلى أيّ كوكبْ
تقول لها: سوف أمشي معَ البحرِ صوبَ القُرى
كي أقابلَ صوتكِ بين الجبالِ
ونسكنَ في نبرةٍ للصدى
.
ثم تتجهان إلى غيمةٍ
في المدى.

هناكَ
الحياةُ بدائيّةٌ..
لا ترى غيرها
لا يضيقُ بها شاعرٌ أو نبيْ.
حقيقيّةٌ..
تسألُ الأمنيةْ
متى سوفَ نخرجُ من يومنا الفوضويْ
طبيعيةٌ..
لا جناسَ بها يربكُ الأغنيةْ
ولا الشرقَ يخلَصُ منْ لكنةِ العربيْ
مسالمةٌ..
لا حروبَ بها ترفعُ الأدعيةْ
ولا الورد يتعبُ من لونه الدّمويْ
وهناكَ
الحياةُ هي الملكةْ
لها رِفعةٌ وألقْ
بها حَيطةٌ وقلقْ
لها مطلبٌ عاطفيْ:
لو تمرّ قليلا
على
خيمةِ البدويْ
أو تحنُّ
إلى القافيةْ
.