الدور على الغرباء

Friday, August 25, 2006

صيف الجسد


صيفٌ يجرُّ الخطى

و رطوبةُ جدرانِ ذاكرتي تتهيأُ؛

كي تُكسِبَ الصّيفَ مدّا جديدا

إلى الروحِ...

صيفٌ تآكلهُ الحرُّ.

و البحرُ يتركُ للملحِِ فرصتهُ؛

ليطرِّزَ بعضَ اليمامِ على جسدٍ لم يعدْ جسدا...

و يتعبني الحرفُ حين يصيرُ انتظارا

على شفةِ الشعرِ

يتعبني الشعرُ حين يصيرُ امتلاءً بعدَّةِ

موتٍ تعيدُ تراكيبَ هذي الشوارعِ

نافذةٌ تتدلّى كمشنقةٍ لا الزجاجُ يشفُّ..

و لا الدفءُ ينسابُ خلف الستائرِ..

أمشي.

شوارعُ من تعبٍ تستحثُّ الخطى صوبَ ظلٍ يحدِّثُ عابرةً:

كيفَ مرّ الربيعُ سريعا، ولم يلقِ بالا لنا...

كيف مرّ و لم يلقِ بالا!

شوارعُ لا ظلّ فيها

فلا أقْلِبُ اليومَ؛ خشيةَ صيفٍ جديدٍ.

صيفي الحقيقيُّ لا ينثرُ الملحَ في جسدي.

جسدي متعبٌ.. لا يملّ التقلبَ بين الأساطيرِ

يعلو مع الفجرِ حينا

يحدِّقُ

لا شيءَ..

تدنو الشوارعُ منه تقلِّدُ حزنَ العيالِ و ترحلُ..

أمشي على قلقٍ و كأنَّ السماء تميلُ

و آخرُ قطرةِ فجرٍ تمدّ إليّ يدا،

تستديرُ كأن البلادَ تخافُ..

و لا شيء يلمسُ جسمَكَ غيرُك و الجوعُ يشعلُ

فيك الحنينَ إلى الأرضِ .

و الأرضُ زندٌّ تهشّمَ تحت خطى الشمسِ.

أرسمُ فوق الضبابِ بمشرطِ أمنيةٍ..

تستديرُ البلادُ

و لا شيءَ يملأُ هذا الفراغْ.

Sunday, August 06, 2006

الكلامُ خائنٌ إن لم يجف



إلى: لا أحد

( الكلامُ خائنٌ إن لم يجف)


صديقي اللا أحد،
هل ما زالت الأنثى هي الحل المثالي لكتابة قصيدةٍ جديدةٍ، هل ما زلنا في حاجة لتمزيق عاطفتنا أو حتى قطعة أثاثٍ، كي يتسلقَها الكلامُ حرّا، أو تنزلق المشاهدُ راقصةً حولها، و تحت سقف من الوهمِ/ الخراب.. هل هناك متسعٌ لنصبح حداثيين أكثر .. ؟
يدٌ واحدةٌ ما تبقى لنا، يدٌ تنشرُ الفجرَ ثم تقطع شرايينها لتجفّ.. و الكلامُ الذي لا يجفّ خائنٌ، مثلنا تماما، يفتشُ في صوتنا عن نبرةِ حزنٍ مهملةٍ تساعده في تقمص وجه الضحية أو الجلادِ، لا فرقَ.. أو ربما يعدُّ الأرقامَ التي تتساقطُ في جبّ ذاكرتنا. أرقامٌ حمراء، و ليلٌ أحمرُ و أجسادٌ حمراءُ. كل شيء أحمرُ، إلا القصيدة تقفُ على أطراف أصابعها و تنظرُ بعيدا في انتظار أنثى غير "لبنان" ...

الكلامُ خائن إن لم يجفّ يا صديقي
ماذا ستكتبُ إذن ؟
نعم.. هناكَ، في الأساطيرِ، وردةٌ تنبتُ في آخر كل نهرٍ، و إن كان من دماء.
و ماذا أيضا ؟
ستلقى أميرةً عاريةً تروي بدمائها وردةً جائعةً تحت سماءٍ تسمى قصرا.. و تلقى في القصر شبابيكَ لا تُطلّ إلا عليك و عليكَ، أنت هنا و هناك.. و أنت أنا و مرآةٌ أنا تقفز منها كلُّ الوجوه التي اغتلتُها بكلماتِ قصيدةٍ لم تنتظر "غزةَ"، "لبنان" أو "دجلةَ"، و انتظرتْ ليلا عاطفيا يُطلّ عليّ.

القصيدةُ ستصرخُ بعد قليلٍ: " كلّ هذا الزحام لا أحد " ثم تبصق على وجهنا و تصفعُ بكبرياء المحاربِ العدوَّ، لتهزمَ الموتَ ثم تموت بلا ألم...
إذن فليكن الموت هو الحل الذي سنـتقاسمه.. نكتبه و نعلِّقه على قمرٍ عابرٍ أو برقٍ صيفيٍ في ليل "غزةَ" أو ليكنْ "قنبلةً ذكيةً" أو أي شيء، المهم أن يكون موتا عابرا، كي نفرحَ و نصبحَ حداثيين أكثرَ.
سنصبحُ بعد قليلٍ أكثر اطمئنانا للموت و ننسى نصائحَ المكان، في الكتب المقدسةِ:
" احفظوني جيدا،
فأنا لا أملكُ أحدا
و اذكروني ..
فأنا لا أذكرُ أحدا "
سننسى اسمه، و ننسى ما كان على هذا الجدار.. هل كانَ نعي شهيدٍ أم شرخٌ يعِدُنا بهدنةٍ مع الموتِ.. سننسى العناوينَ و ندخلُ بيوتا غير بيوتنا و ننامُ مع زوجاتٍ لا يذكرْنَنا، و نشرب قهوتنا مع أناسٍ لا نعرفُهم يهمسون: " هذا المكانَ لنا " ثم نصرخُ هذه قهوتنا و هذه السماءُ و الأرضُ التي انكسرت لنا و هذا الشهيدُ نحنُ..
ماذا ستكتبُ إذن، و الكلامُ خائنٌ إن لم يجفْ؟